-A +A
زياد عيتاني (بيروت) ziadgazi@
على قاعدة عمليات تبييض الأموال، سعى أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله في خطاب له اليوم (الأحد) إلى محاولة تبييض حادثة مقتل جنرال الدم والخراب قاسم سليماني عبر ربطها بـ«صفقة القرن»، وأنها كانت مقدمة لخدمة عملية الترويج لها.

بالمقابل فإن حقيقة حادثة مقتل سليماني عند مدخل مطار بغداد الدولي تأتي تتمة لحادثة مقتل زعيم تنظيم «داعش» الإرهابي أبو بكر البغدادي، مع الإشارة إلى أن المنفذ واحد، وهو إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب والتي تأتي في سياق قرار أمريكي واضح بإنهاء المليشيا المسلحة العابرة للحدود والمهددة للأمن الدولي عبر ارتكابها آلاف المجازر والتهجير للشعوب من دمشق وحلب وحمص إلى الموصل وتكريت وبغداد. لقد جاء مقتل سليماني في سياق طبيعي بعد مقل شريكه في رقصة زعزعة الاستقرار الدولي أبو بكر البغدادي.


لم يقدم نصر الله الجديد في إطلالته سوى أنه ما زال تحت مفعول الصدمة القاسية المتمثلة في مقتل سليماني الذي كان يلتقيه في ضاحية بيروت الجنوبية قبل ساعات من مقتله، ما طرح الكثير من علامات الاستفهام حول الهشاشة الأمنية التي تحيط بأمن نصر الله الشخصي.

حسناً فعل نصر الله عندما أقرّ بأن الموقف الفلسطيني من صفقة العصر هو حجر الأساس في مواجهتها، مشدداً على أهمية موقف السلطة ومنظمة التحرير من الصفقة، إلا أن ما غفل عنه أن تقوية الموقف الفلسطيني يبدأ من رفع النظام الإيراني يده عن الساحة الفلسطينية، وكف يده عن إمعان الانقسام الفلسطيني من خلال دعم أطراف معينة ضد أطراف أخرى، فالوصول إلى صفقة القرن جاء عبر طريق شقتها الممارسات الإيرانية في الساحات الفلسطينية والعربية والإسلامية.

إن مواجهة «صفقة القرن» والدفاع عن فلسطين لا يكون بإنشاء ميليشيا مسلحة تحت مسمى «فيلق القدس» مهمتها تدمير الحواضر والمدن العربية وتهجير الشعوب العربية والمسلمة في أصقاع الأرض.

لقد قال نصر الله في إطلالته إن أمريكا وإسرائيل ليسا قدراً وهذا أمر بديهي، ولكن ما هو بديهي أيضاً أن إيران ونظام الملالي فيها ليس قدراً لنا نحن العرب والمسلمين. لقد فعل نظام الملالي بدولنا العربية ما لم يفعله كل الأعداء عبر التاريخ بنا.

ذاك القائد العسكري الغربي عندما احتل دمشق قبل عشرات السنوات دخل إلى مقام صلاح الدين الأيوبي في دمشق وخاطبه قائلاً متحدياً: «قم يا صلاح الدين نحن عدنا..»، لكنه لم يهدم الضريح ولم يعبث بعظام صاحب الضريح كما فعل فيلق القدس بمقام خالد بن الوليد في حمص وغيره من الأضرحة لقادة تاريخيين.

سليماني قُتل، هذه هي الحقيقة، وما بعد مقتله ليس كما قبله، وهي الحقيقة التي على نصر الله إدراكها.